منذ سنوات والعلماء يقومون بدراسة أصل التذوق الموسيقي لدى البشر، والعوامل البيولوجية المؤثرة عليها (بدلالة تَغيُّر ذوقنا للموسيقى بتغير مراحلنا العمرية). دراسة جديدة نشرتها مجلة “نيتشر” (Nature) العلمية تذكر فيها أن بناء الذوق الموسيقي يعتمد على نوع الموسيقى السائدة في المجتمع. حيث قام عدد من الباحثين من عدة جامعات منها جامعة “إم آي تي” (MIT) وجامعة “برانديس” (Brandeis)، بدراستين في عامي 2015 و2015، حيث طلبوا من المشاركين الاستماع إلى أنغام متناسقة وأخرى متنافرة ثم تقييم مدى استساغتهم لها.
لقد كان بعض المشاركين من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما الغالبية منهم كانوا من القبائل الأمازونية في تشيماني، وكذلك مجموعة من البولفيين المتحدثين بالأسبانية، الصفة المشتركة بين سكان تشيماني والبوليفيين هي محدودية انفتاحهم على الموسيقى الغربية.
وفقا لمجلة نيتشر فإن الأنغام المتنافرة هي “نظائر غير مستقرة للموسيقى الغربية” وفي بعض الأحيان تبدو وكأنها تود أن تصبح موادا مستقرة.
هذا الفيديو يبين مدى الاختلاف بين النغمات:
بحسب الثقافة الغربية فإن الأنغام المتناسقة عادة ما تعتبر جميلة، بينما المتنافرة تكون مصدرا للتوتر والإزعاج، بالتالي فإن الناس في المجتمعات الغربية لا يتقبلون الأنغام المتنافرة، وذلك خاصة في الموسيقى التي تخاطب المشاعر الإنسانية وفقًا للعوامل النفسية ومنها المزاج.
مع ذلك، فقد وجد الباحثون أن التشيمانيين قيّموا الأنغام المتناسقة والمتنافرة بنفس الدرجة من حيث الجمال. بينما أظهر البوليفيون ميلًا للأنغام المتناسقة، بالرغم من أن التفاوت لم يكن كبيرًا بالنسبة لهم كما كان للمتطوعين من الولايات الأمريكية.
“هذه الدراسة تشير إلى أن تفضيل الأنغام المتناسقة على غيرها ليس فطريا بل يعتمد على العوامل البيئية،” كما قال جوش مكديرموت: البروفسور في جامعة MIT والكاتب الرئيسي في الدراسة.
أما عن السبب، فلدى الباحثون نظرية عن تركيبة الموسيقى في كل ثقافة. فالموسيقى التشيمانية لا تستخدم التناغم كما في الموسيقى الغربية. فبدلا من عزف الكورد (عدة نوتات مع بعضها) فهم اعتادوا على النوتة الواحدة فقط في آن واحد.
يحضرني وأنا أترجم هذه المقالة قولا قرأته للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي حيث قالت: “ لكل قوم مزاج آلتهم الموسيقية…للغجر عنفوان قيثارتهم وللأفارقة حمى طبولهم وللفرنسيين مباهج الأكورديون وللنمساويين شاعرية كمنجاتهم وللأوربيين أرستقراطية البيانو وللأندلسيين سلطنة العود”
المصدر gizmodo