باحثون في مركز الأعصاب والعلوم النفسية في جامعة UC Davis استخدموا الضوء لمسح ذكريات معينة من دماغ فأر، وبذلك أثبتوا نظرية تم طرحها مسبقًا تشير إلى أن هناك عدة أجزاء من الدماغ تعمل مع بعضها البعض لاسترجاع الذكريات، كل هذا أصبح ممكنا بفضل التقنية الحديثة التي يطلق عليها “الوراثيات البصرية” (Optogenetics) وهو أسلوب تعديل العمليات العصبية المستخدمة في علم الأعصاب باستخدام مزيجًا من التقنيات البصرية وعلم الوراثة للتحكم والسيطرة على نشاط الخلايا العصبية مفردة في الأنسجة الحية بل وحتى داخل الحيوانات الحية لقياس آثار تلك التلاعبات في الوقت الحقيقي. وتعتبر هذه الطريقة هي المثلى حاليًا في متابعة وظائف الدماغ المتغيرة.
من حوالي ٤٠ سنة وعلماء الأعصاب يعملون بناءًا على نظرية مفادها أن استرجاع ذكريات متعلقة بمكان أو حدث معين تتطلب تنسيق معين ما بين قشرة الدماغ (cerebral cortex) و الحصين (hippocampus) وهما يمثلان بنية صغيرة في وسط الدماغ، وأتت هذه النظرية من ملاحظة بعض المرضى المصابين بتلف في بعض أجزاء الدماغ، فعند تلف الحصين فإن الشخص يفقد عشرات السنين من الذكريات، وبالرغم من إن معظم الذكريات تُحفظ في قشرة الدماغ فإن الدماغ بحاجة إلى مدخلات من الحصين لكي يتم استرجاع ذكرى معينة من القشرة الدماغية.
ولكن العلماء لم يستطيعوا التأكد من صحة هذه النظرية بسبب عدم توفر التقنية التي تسمح لهم بالتلاعب بوظائف الدماغ وخصوصًا في منطقة الحصين حتى أتت تقنية الوراثيات البصرية.
التجربة التي قام بها الباحثان (Kazumasa Tanaka, Brian Wiltgen) تمت على فئران معدلة جينيًا بحيث تومض الخلايا العصبية عند نشاطها إضافة إلى إنتاج بروتين يسمح بإيقاف الخلية تمامًا عن العمل باستخدام الضوء، وبذلك تمكنوا من متابعة كل الخلايا التي تنشط في كلًّا من الحصين والقشرة الدماغية عند تعلم خبرة أو استرجاع ذكرى معينة، ومن ثم إيقاف عمل هذه الخلايا لمعرفة ما إذا تم مسح الذكرى أم لا.
وتمت التجربة عن طريق اختبار ما إذا كان الفأر يستطيع أن يتذكر لسعة كهربائية بسيطة أو لا، فعندما يوضع الفأر في القفص عادة، فإنه يقوم بمحاولة استكشاف المكان إلا اذا تم وضعه في قفص سبق وأن تم لسعه كهربائيًا فيه، حيث يتوقف الفأر بداعي الخوف من اللسعة لأنه تذكر اللسعة الكهربائية السابقة في هذا القفص. ولكن الفأر نسى تمامًا اللسعة الكهربائية عندما قام الباحثون بمسح هذه الذكرى عن طريق إيقاف الخلايا العصبية في الحصين التي نشطت في دماغ الفأر آنذاك.
بل أن إيقاف خلايا عصبية أخرى غير التي لها علاقة بذكرى اللسعة الكهربائية لم تؤثر على استرجاع ذكرى اللسعة الكهربائية ، وهذا يعني إمكانية التلاعب بذكرى معينة دون التأثير على ذكريات أخرى.
المصادر/ ScienceDaily, UCDAVIS