كثيرا ما نقول أن أفضل الأفكار تأتي في الحمام، ولكن قلما تجد من يدعي أن المشي له تأثيرا ساحرا على رفع مستوى الإبداع، ولكني إن فكرت في ذلك قليلا، سأجد أدلة شخصية سابقة على صحة هذا الدراسة الجديدة.
أتذكر أنني كنت أمشي يوميا بين البيوت في بريطانيا أثناء العصر، وذلك حينما كنت أدرس في الجامعة للحصول على درجة الدكتوراة، وفي تلك الأثناء كنت أبحث على حلول لمشاكل كنت أواجهها صباحا في مكتبي، وكانت الأفكار تتدفق على ذهني، لحظات من الإلهام لا تقارن بالأفكار التي تأتيني أثناء جلوسي على الكرسي، فأذهب لتطبيقها اليوم التالي، لم تكن كلها ناجحة، ولكنها كانت كثيرة بحيث أصبح عدد منها ناجحة.
دراسة من جامعة ستانفورد أكدت على ذلك، بل إنها تقول أن الإبداع يزيد بمعدل 60% في الذين يمشون بالمقارنة مع الجالسين، حتى لو كان ذلك على جهاز المشي، حتى وإن كان الجالس على كرسي متحرك ومدفوع فإن الذي يمشي هو أفضل منه، حيث أن التأثير يأتي من المشي ذاته، وليست البيئة المتغيرة المحيطة بالمتحرك.
أقميت الدراسة على 176 شخصا، وسمح لبعضهم الجلوس، بينما كان الآخرون يتمشون، وطلب منهم أن يقدموا أفكار متنوعة بطريقة تسمى “بالتفكير المتشعب”، وهي إحدى الوسائل الإبداعية للتوصل لأفكار جديدة، فاكتشفوا أن الأشخاص الذين مشوا (حتى وإن كانوا على جهاز الرياضة وأمام حائط) كانوا أكثر إبداعا بمرتين من الأشخاص الجالسين (وإن كانوا على كرسي متحرك، ودفعوهم في نفس الخط الذي مشي فيه الآخرون).
الدارسة أيضا تقول أن المشي لا يساهم في التفكير المركز، فهو يساهم في الانطلاق في أفكار إبداعية متنوعة، ولكن حينما يأتي الوقت للتركيز على فكرة واحدة فإن الجلوس يفضل على المشي، لكن يبقى الفرق بين الماشي والجالس قليل في هذه الحالة. وهذا يعني إن كان الشخص يريد إطلاق أفكارا جديدة فعليه بالمشي، وبعد ذلك يستطيع الجلوس لتحليل فكرة معينة مثلا.
بعض الأسماء اللامعة في عالم الفكر والإبداع هم: تشياكوفسكي، وروسو، وديكنز، ومالر، وكانت، وكلهم كانوا عشاق المشي.
لازلت أتمشى في المنزل أو خارجه بشكل شبه يومي، ولا يزال تأثير المشي على أفكاري كبيرا، بين الحين والآخر أتوقف عنه لأيام لانشغالي بأمور مختلفة، ولكني الآن أعلم باهميته، وسيدفعني ذلك للمحافظة على نظام مشي يومي من الآن فصاعدا.
المصدر: Standford University، The Smart Set