يعتقد معظم الناس أن الهيليوم يجعل البالونات تعوم وترتفع عاليًا أو يجعل الصوت اكثر حدة عندما نستنشق بعضا منه فقط! لكن الحقيقة هي أن الهيليوم اكثر من مجرد متعة ولعبة. بل هو مورد صناعي نادر ومهم، ويستخدم في مجالات عدة كالتقنية والطب، ولا يزال العلماء يستكشفون المزيد من خصائصه غير المعروفه حتى الآن.
لذلك، دعونا نبدأ في التعرف على بعض الحقائق والتطبيقات الأكثر غرابة حول الهيليوم.
1. أخف وزنًا من الهواء
الهيليوم هو واحد من أخف وأقل العناصر الكيميائية كثافة، وذلك بفضل صغر حجم ذراته ولثباته الكيميائي. والسبب الذي يجعل البالونات المملوءة بالغاز تطفو هو أن الهيليوم اقل كثافة من الهواء، والهواء المحيط بها الأكثر كثافة من الهيليوم يساعدها على الارتفاع.
2. قاع البحر
لأن الهيليوم غير سام ويضغط بسهولة، يتم استخدامه خصيصًا في أجهزة التنفس لرياضة الغوص لأعماق بعيدة، ليكون بديلًا عن النيتروجين الذي يشكل نحو 75% من هوائنا.
وتحت ضغط عال، مثل عمق البحر بحوالي 100 قدم (أي 30 متر)، يحتمل أن ينتشر النيتروجين المذاب خلال أنسجة الجسم ويتسبب في مرض هبوط الضغط المميت، او نوبات خطيرة من “آثار النتروجين التخديرية ومتلازمة الرعاش”، وهو اشبه بتأثير السُكْر المفاجئ الحاد.
وللتغلب على مشاكل تنفس النيتروجين، يستخدم الغواصون الذين يغوصون لإعماق تصل لأبعد من 400 قدم (أي 122 متر) خلطة تنفس تسمى “هيليوكس” حيث يستبدل جزء النتروجين في الهواء بالهيليوم.
3. طاقة الشمس
الهيليوم اسم مشتق من كلمة اغريقية “هيليوس”، وهي تعني الشمس، سمي بذلك عندما اكتشف العنصر الكيميائي عام 1860م، وذلك من خلال دراسة قام بها علماء فلك حول خيط طيفي اصفر – خطوط امتصاص الغاز – حول أشعة الشمس.
يشكل الهيليوم نحو 45% من كتلة الشمس، حيث يتشكل من خلال انصهار الهيدروجين تحت درجات الحرارة الشديدة: عملية أساسية تحافظ على الشمس والنجوم ملتهبة. وبالتالي، تنصهر ذرات الهيليوم في النجوم لخلق عناصر أثقل بما في ذلك الكربون والأكسجين والسيليكون.
4. على سطح القمر
معظم ذرات الهيليوم تتكون من بروتونين ونيوترونين بداخل النواة، ويطلق على هذا النوع بالنظير “Helium-4”. لكن بعض النظائر تتكون من بروتونين ونيوترون واحد ويسمى هذا النظير باسم “Helium-3″، تم اقتراحه ليكون الوقود المثالي لتوليد الطاقة الكهربائية.
الهيليوم-3 غير معروف تقريبًا على الأرض. ولكن، تم اكتشافه والتعرف عليه بكميات كبيرة على سطح القمر، حيث أمطر على سطح القمر من خلال الرياح الشمسية قبل بلايين السنين. توقعت وكالات الفضاء العالمية بما فيها روسيا، والصين، والهند، أن الهيليوم-3 قد يعود بمردود مالي لمستكشفي القمر.
5. بارد للغاية
يتكثف غاز الهيليوم في الضغط الجوي ويصبح سائلا عند درجات حرارة منخفضة جدًا، وهي بحوالي -450F ° (أي -268C°)، عندها يظهر سلوكا غريبا جدا في درجات حرارة أقل من ذلك.
ويطلق عليه هليوم 4 فائق السيولة عندما يصل إلى درجات أقل من -456F ° (أي -271C°)، أو حتى بمجرد اختلاف بسيط فوق الصفر المطلق، مع حوالي 1/8 كثافة الماء وانعدام الاحتكاك.
كذلك أيضا من بين العديد من خصائص الهيليوم الغريبة أنه يستطيع – بقدرته الفائقة – الانتشار بسرعة من خلال أي فتحة تسريب، مما يجعل السيطرة عليه ومنعه من من ذلك أمرا صعبًا للغاية.
6. رؤية داخلية
لأن الهيليوم يسيل بكل سَلاسَة في درجات حرارة منخفضة، فهو يستخدم لتبريد المغناطيسات الكهربائية فائقة التوصيل، كالمغناطيس المستخدم في مصادم الهدرونات الكبير بالقرب من جنيف.
كما يستخدم الهيليوم السائل أيضًا في المستشفيات لتبريد اللفائف المغناطيسية في الماسحات الضوئية للتصوير بالرنين المغناطيسي، فيبرد لدرجات تصل إلى حوالي -441F ° (أي -263C°)، مما يسمح بتولد مجالات مغناطيسية قصيرة ولكن مكثفة. حيث أن المجالات المغناطيسية تقوم بإرسال ذرات إلى داخل الجسم ليرتد تفاعلها، وتُمكن من الكشف عنها بواسطة الماسح الضوئي، ثم بناء صورة مفصلة عن الأعضاء والأنسجة الداخلية للجسم.
7. على المدى القصير
قد يستغرق تجميع الهيليوم على قشرة الأرض بلايين السنين من خلال اضمحلال النشاط الإشعاعي لليورانيوم والثوريوم. وهذا يجعل مهمة العثور عليه صعبة، قد نشهد في الأيام القادمة ارتفاع سعره بسبب استخداماته الهامة في أجهزة أشعة الرنين المغناطيسي.
لقد كان المخزون الاستراتيجي لاتحاد الهيليوم بالقرب من أماريلو بولاية تكساس هو المصدر الوحيد في العالم لسنوات عديدة، حيث أنشأ بعد الحرب العالمية الأولى لتأمين الإمدادات العسكرية بالهيليوم ولاستخدامه كغاز يرفع المناطيد العسكرية.
وخلال الحرب الباردة، عام 1950م، اُكتشف استخدام جديد للهيليوم حيث يعمل على ضغط وتنقية محركات الصواريخ مثل الصواريخ النووية، وصواريخ البعثات الفضائية.
8. احتكار الهيليوم
في السنوات الأخيرة، بدأت بعض الشركات بإنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الامريكية، وكندا، وقطر، وهي مستفيدة من إنحصار الهيليوم في مناطق قليلة من العالم (السبب الرئيسي في ارتفاع قيمته).
مؤخرا، أعلن العلماء عن اكتشاف حقل غاز هليوم ضخم في روكوا – منطقة الوادي المتصدع في شرق أفريقيا من تنزانيا – والذي قد يكون أكبر بكثير من حقول احتياطي الهليوم في الولايات المتحدة الامريكية.
قد يخفف مثل هذا الاكتشاف الطلب العالمي للهيليوم، ولكن العلماء يحذرون من أن الهيليوم هو “مصدر أساسي غير متجدد”، ويصعب العثور والحفاظ عليه، ومن المستحيل إعادة تدويره.
المرجع: Live Science