العقل الإلكتروني
في تاريخ 22/7/2009 نشرت وكالات الأنباء خبرا عن إمكانية تطوير المخ الاصطناعي خلال الـ 10 سنوات القادمة، يقول هنري ماركرام (Henry Markram) مدير مشروع المخ الأزرق أنه قام بمحاكاة أو تمثيل جزء من مخ الفأر وأنه في السنوات الثلاث القادمة ستنتهي مؤسسة الـ EPFL في سويسرا من كل الخلايا الموجودة في مخ الفأر، وفي السنوات العشر القادمة بالإمكان إكمال مخ الإنسان بالكامل، طبعا هذه العملية احتاجت إلى 15 سنة قبلها لكي يتم وضع خريطة لمخ الفأر، وبالتالي تم إخضاع المخ للهندسة العكسية وبرمجته على الكمبيوتر المسمى بـ: بلو جين (Blue Gene). طبعا قال هنري ماركرام أن تمثيل كل يخلية يحتاج إلى قدر لابتوتبوب لتمثيلها، ولذلك تم استخدام السوبر كمبيوتر بلو جين لاستيعاب هذه الحاجة.
الجزء من المخ الذي تم تمثيله على البلو جين هو أصغر جزء عملي في النيو كورتكس (Neocortex)، والذي يعتبر الطبقة الخارجية من المخ، وهو بالأخص الجزء المسؤول عن الوضائف الرئيسية مثل التفكير، وهذا الجزء من الفأر يحتوي على 10,000 خلية عصبية، و100,000,000 وصلة عصبية، طبعا مخ الفأر ككل يحتوي على خلايا عصبية ووصلات أكثر من هذا بكثير، ومخ الإنسان يحتوي على أرقام هائلة أيضا، فيحتوي على 100,000,000,000 خلية عصبية تقريبا، و100,000,000,000,000 وصلة عصبية. رقم هائل!
السؤال هو هل بالإمكان تطوير مخ إلكتروني ينافس ويمكن التغلب على مخ الإنسان؟ هل ستكون لهذا المخ القدرة على التفكير والإبداع وحل المسائل المعقدة؟ هل ستكون لهذا المخ أحاسيس ومشاعر؟
هذه الأسئلة حساسة جدا، وربما تتداخل فيها عدة مدارس منها الدينية والفلسفية والفيرياء والكمبيوتر وغيرها، ولهذا الصراع جانبان، جانب يقول إنه حتى لو كان بالإمكان تطوير آلات حاسبة في منتهى السرعة وفي منتهى القدرة، أو حتى برامج قادرة على القيام ببعض الوضائف المنفردة التي يقوم بها الإنسان إلا أنه لا يمكن أن يطور الكمبيوتر بحيث يفكر ويبدع ويعي ويشعر، وربما تكون هذه خاصية ينفرد فيها الإنسان لكونه ذي روح ووعي. حتى في علم الفيزياء، لا يتصور العالم الكبير روجر بنروز (Roger Penrose) إمكانية تطوير الكمبيوتر باستخدام الخوارزميات بعد أن ربط العقل بالميكانكية الكمية في كتابه (The Emperor’s New Mind).
وفي الطرف الآخر هناك من يقول ويتنبأ بمستقبل قريب لهذا المخ الاصطناعي الذي سيكون بإمكانه التفكير والإبداع بحيث يكون واعي، وربما هذه النقطة ستكون نقطة تحول وانفجار في العلم، فسيكون هذا الكمبيوتر قادرا على نقل الإنسان نقلة نوعية في العلم، وربما أيضا يقوم بتطوير نفسه بطرق لم تكن تخطر على بال أحد، وربما يتفوق هذا المخ الاصطناعي على مخ الإنسان وربما في المستقبل إن لم يتدارك الإنسان السرعة هذه ربما ينقرض ويحل محله هذه هذا الكائن الجديد.
طبعا تحديد ما إذا كان بإمكان الكمبيوتر التفكير صعب، لذلك سأل العالم آلن تورينج (Alan Turing) السؤال بطريقة أخرى متفاديا السؤال الفلسفي، والسؤال هو، هل بإمكان الكمبيوتر أن يقوم بما نقوم به نحن ككائنات مفكرة، أي هل بإمكان الكمبيوتر ان تمثل كأنما لو أنها تفكر؟ وأسس اختبارا لذلك، فقال أنه لنفترض أن هناك ثلاثة غرف، في إحداها يكون الشخص الذي سيقوم بالاختبار، وفي الغرفتين الأخريين كمبيوتر وإنسان، السؤال هو، هل بإمكان المختبِر أن يميز الكمبيوتر من الإنسان؟ فإن لم يقدر يجتاز الكمبيوتر الاختبار. طبعا إلى يومنا هذا لم ينجح كمبيور في اجتياز هذا الاختبار بالكامل، ولكن هناك نجاحات متعددة محدودة.
هذا من ناحية الاختبار، ماذا عن آخر التطورات في هذا المجال؟ معظم التطورات تصب في خانة الذكاء الاصطناعي، خذ على سبيل المثال الشبكة العصبية الاصطناعية، تمكن العلماء من تمثيل الشبكة العصبية في المخ بشكل بدائي جدا، ومع ذلك حققوا إنجازات هائلة، مثلا، قام العلماء ببرمجة شبكة صغيرة نسبيا على الكمبيوتر في منتصف الثمانينات، وتم تدريبها لقراءة كتابة معينة، وبعد التدريب لفترة قدرت الشبكة على عمل أصوات تشابه إلى حد ما صوت الطفل الصغير في بدايات نطقه، ثم بعد التمرين بشكل أكبر بدأت الشبكة بالقراءة بشكل أفضل بكثير، يمكنك الاستماع للمقطع الإم بي 3 لنت توك حتى تعرف المدى الذي وصل إليه العلم في ذلك الوقت، واليوم التقدم أكبر بكثير.
طبعا من المهم جدا أن نعرف أن نت توك هي شبكة قدرت على القراءة من غير أن تفهم المعاني أو أن تفكر فيها، على العكس من الطفل الذي مع القراءة يستوعب المعاني.
من ناحية المخاطبة، هناك برنامج مشهور جدا اسمه إلايزا (Eliza)، وصمم هذا البرنامج كمعالج اللغة الطبيعية، وهو برنامج بدائي جدا، وتستطيع مخاطبته عن طريق الطباعة باستخدام الكمبيوتر، ويستجيب البرنامج بطريقة تجعله يبدو وكأن الخطاب حقيقي، ولكنه في الحقيقة يستخدم أساليب للتحايل على المستخدم بإعادة صياغة جملة المستخدم لتصبح سؤالا أو إجابة، تستطيع تجربة المخاطبة بنفسك على موقع إلايزا الكمبيوتر المعالج. إذا أردت برنامجا مطورا أكثر من ذلك، فإمكانك تجريب LBot مع ذلك فحتى هذه المعالجات لا تفهم ما يقال لها.
طبعا هناك الكثير من البرمجيات التي تقوم بتمثيل الكثير من الأمور التي يقدر الإنسان على القيام بها، ومنها تمييز الأجسام والوجوه والكتابة، ومنها متابعة الأجسام المتحركة، ومنها المشي، ومنها التوازن، وقد قمت شخصيا في سنة 1996 بعمل برنامج باستخدام الشبكة العصبية بحيث يتم وزن البندول المنقلب كمشروع تخرج، والمقصود أنه لو أنك أمسكت بعصاة طويلة، ووضعتها على راحة يدك، ستستطيع بكل سهولة موازنة العصاة، ولكن في المقابل يصعب ذلك على الكمبيوتر، ويحتاج إلى حسابات معقدة، ولكن باستخدام الشبكة العصبية استطعت أن أُعلم الكمبيوتر موازنة البندول المقلوب بعد عدة محاولات من فشله. ومع ذلك، فكل هذه العمليات تقوم على قواعد رياضية مستوحاة من الطريقة التي يعمل بها الإنسان. أي أن الكمبيوتر لا يفهم أو يعي ما يقوم بها.
بماذا يختلف المخ الأزرق عن البرمجيات الأخرى (شاهد الفيديو على موقع الول ستريت جيرنال Wall Street Journal)، الاختلاف هو في طريقة التمثيل، فهذه المرة التمثيل يأخذ بتفصيل الخلايا العصبية من الناحية البيولوجية بتفاصيلها الدقيقة، وربما بتمثيل تفصايل المخ بشكل أدق يمكننا إنشاء مخ يفكر بنفس المستوى الإنساني، وربما يتفوق هذا المخ على مخ الإنسان، وربما بتطوير الكمبيوتر باستخدام المكانيكا الكمية يمكن أيضا أن التلغب على ما المشاكل التي تحدث عنها روجر بنروز في كتابه.
التوقعات لإنشاء كمبيوتر واعي يفكر ويبدع هي حوالي سنة 2045، ويرى المستقبليين (المنظرين للمستقبل من الناحية التكولوجية) أن مثل هذا التطور سيغير من وجه العالم الذي نعيشه، فمثل ما كانت الثورة الصناعية طفرة هائلة في تغيير الحياة على الأرض، يتوقع المستقبليين أن يكون لتطوير المخ نتائج قد لا تحمد عقباها، وخصوصا أنه بإمكان هذه العقول تطوير نفسها بشكل كبير وهائل، وبإمكانها ايضا أن لا تتوافق مع الإنسان وربما تتنافس معه، وربما لأنها أقدر منها تقضي عليه نهائيا، وربما ترى ذلك في القصص الخيالية، والأفلام المشهورة مثل آي ربوت (iRobot)، ميتركس (Matrix)، وترمينيتر (Terminator).
المستجدات العلمية
- علماء النبات اكتشفوا نبتة آكلة لحوم، ومن المعروف أن هذا النوع من النباتات قادرة على التهام حشرات، ولكنه هذه بالتحديد قادرة على التهام حيوان بحجم الفأر، وقد تم اكشافها في الفلبين، وسميت هذه النبتة نبنثيس أتنبروواي (Nepenthes Attenboroughii)، واكتشفت النبتة بالصدفة حيث صعد مجموعة من المبشرين على جبل لتركيب إيريل للاتصال اللاسلكي ولم يتكنوا من النزول، وحينما وصل رجال الإنقاذ إليهم أخبروهم عن وجود هذه النبتة الغريبة.
- اكتشف العلماء حبر لحبار يعود إلى 150 ميلون سنة، واستخدموا الحبر لرسم حبار.
تحية طيبة دكتور محمد قاسم..أبارك لك حلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا جميعا بالخير والبركات..كما أبارك لك هذه المدونة المتميزة جدا خصوصا وهي تحتوي على هذ المعلومات العلمية والقيمة جدا جدا، وإن شاء الله أتابع معك كل جديد في المدونة.موسى المهنا
شكرا على كلماتك الطيبة موسى، ومبارك عليك الشهر،
اولا مبارك عليك الشهر الفضيل،ثانياً اهنيك على البودكاست الرائع .. عندنا مشكله في وجود التقنية بشكل جميل مبسط باللغة العربية..استمر ولك كل الامنيات بالنجاح والتوفيق..فيصل
أخ فيصل، كلماتك اخترقت الجلد واستقرت في القلبشكرا
السلام عليكم الله يوفقك اخوي محمد في درستك والبودكاست اشكرك على البودكاست الرائع الي قليل نشوف في الوطن العربي بس حبيت اذكرك بشيء وين السؤال الي بتقوله اخر الحلقة و بجواب عليه الحلقة الثانية وعندي اقتراح وضع لوغو على البودكاست وعندي سؤال اقدر اطرح موضوع وتتكلم عنه في البودكاست بالتوفيق اخوك رياض حسين
شي اكثر من رائع مجهود يستحق اكثر من الثناء و الشكر .. اضافة الى المعلومات الشيقة و الطريقة المذهلة في تقديم المعلومة بشكل شيق ..ماشاء الله .. فلديك الصوت الجميل .. الصراحه تعودت الحين اول ما اركب سيارتي رايح للدوام ..او رايح مشوار لازم بعد جرس التشغيل اسمع كلمات .. انا محمد قاسم احييكم في ….الخ .. استمر و الى الامام ..و دعنا نقول وداعا للاف ام و الاغاني واهلا بالدكتور رفيق الدرب .. محمد قاسم … لك كل التحية
شكرا لك، أهلا وسهلا بك، وسعيد بانضمامك للمستمعين، على الأقل يخفف عنك عبئ الزحام،
شكرا طلال