مدخل
أتفاجأ من كثرة الأخبار التي تقوم بنشرها مختلف المواقع والجرائد والمجلات الصحفية بعنوان يتنافى مع محتوى الخبر، وتجد هذه المغالطة في كثير من المواضيع لجلب الإنتباه ولكن المصيبة عندما تكون أخبار متعلقة بالطب والصحة ومختلف العلوم التي قد تضلل الشخص الغير مختص، ولاحظت نفس هذا الأسلوب مستخدم في الإعلان عن دراسة تشيرإلى إمكانية إنتقال الزهايمر بين البشر، ويكفيك أن تبحث في قوقل عن الزهايمر معدي لتجد عشرات المواقع بما فيها بعض المواقع العلمية التي تقع في نفس المشكلة، حيث تجد موضوع الخبر يشير إلى أن الدراسات أثبتت على أنه معدي، وما إن تقرأ الخبر حتى تبدأ تتضح لك الصورة بشكل أو بآخر أن العلماء لازالوا غير متأكدين من ذلك.
ملخص الدراسة
الدراسة الأصلية نُشرت قبل عدة أيام في مجلة Nature والتي ذكرت أن هناك بعض الإشارات التي وجدها العلماء مؤخرًا من دراسة تشريحية تمت على أدمغة ٨ أشخاص والتي تدل “نظريًا” أنه من المحتمل إنتقال مرض الزهايمر خلال العلمليات الجراحية.
الدراسة لاتقول بأن الزهايمر مُعدي ولكنها تشير إلى أن هناك بعض الآثار التي وجدوها في سبعة من أصل ثمانية أدمغة مشابهة لتلك التي توجد في أدمغة المصابين بالزهايمر في أوائل مراحلة، وتُسمى هذه بألياف أميلويد الخاصة بمرض الزهايمر (Alzheimer’s amyloid fibrils)، وعادة مثل هذه الألياف تنشأ بسبب طفرات في بروتينية مشابهة لنشأة تلك الأمراض البروتينية التي يطلق عليها أمراض البريون (مثل مرضكروتزفيلد جاكوب)، وهي باختصار أمراض تنشأ بسبب خلل بروتيني في الدماغ وتحتاج إلى وقت طويل لكي تنشأ البذرة الأولى لانتشار المرض في الدماغ، وفي حالة مرض الزهايمر فالأمر يحتاج إلى طفرات في بروتينات معينة بشكل مخصص لكي تنشأ ألياف أميليود، ولكن سيكون تسارع انتشار المرض بعد تكوين الألياف أسرع من تجمع البروتينات لأن بذور المرض أصبحت جاهزة.
والذي تم اكتشافه في هذه الدراسة هو عيّنات لبعض تجمعات بروتين الأميلويد في سبعة أدمغة لأشخاص مصابين بمرض كروتزفيلد جاكوب الذي يصيب الدماغ نتيجة استخدام أدوت جراحة ملوثة أو عمليات حقن في النخاع (حقنة هرمون النمو مثلًا)، ومثل هذه الأمراض البروتينية لاتنتقل في كل أعضاء الجسم، حيث شوهد في الدماغ والنخاع، والكلية والكبد والطحال، والرئة والعقداللمفية والعين، وكذلك في السائل الدماغي الشوكي، ولكنه لايود في السائل المنوي أو اللعاب مما يعني أن هذه الأمراض لاتنتقل باللمس أو حتى بالطرق الجنسية.
ولقد أصيب جميع المرضى بداء كروتزفيلد جاكوب نتيجة حقن ملوثة لهرمون النمر تلقّوها وهم أطفال، ولقد مُنع استخدام هذه العلاج في بريطانيا عام ١٩٨٥م بعد ظهور مخاطر هذه الحقن، ومنذ ذلك الوقت أصبحت المستشفيات تستخدم أدوات جراحية معدة للإستخدام لمرة واحدة فقط.
إستدلالات الباحثين
الإستنتاج النظري من القائمين على هذه الدراسة هو إمكانية إنتقال بذور مرض الزهايمر بنفس طريقة انتقال مرض كروتزفيلد جاكوب، حيث يثبت إصابة أي من المرضى الثمانية بعد التشريح إصابتهم بمرض الزهايمر، ولم يتضح أيضا إصابتهم بأعراض الخرف، ولأن العيّنات التي وجدوها تعتبر ضئيلة قد تكون سببًا في إصابتهم في الزهايمر لو عاشوا مدة أطول، وحاول الباحثون التأكد من خلو حقن هرمون النمو من بذور الزهايمر ولكن لايوجد أي دليل بعد على أن حقن هرمونات النمو تسببت في نشوء هذه البذور، وهناك محاولات للعودة إلى فحص حقن هرمون النمو من مخزون قديم لهرمونات النمو والتأكد من عدم احتواءه عليها.
الملخص
لاتوجد دراسة تثبت أن الزهايمر مرض معدٍ وإنما هي إستنتاجات لنظريات وضعها الباحثون والتي لازالت بحاجة إلى دراسات وأبحاث أخرى للتأكد منها، حيث وجدت الدراسة بذورًا لمرض الزهايمر في سبعة أدمغة مصابة بمرض كروتزفيلد جاكوب الذي ينتقل عن طريق حقن ملوثة، وبناءًا على ذلك أشار الباحثون إلى إحتمالية إنتقال بذور الزهايمر بنفس الطريقة، ولكن لاتوجد أي أدلة على إن هؤلاء المصابين أظهروا أي أعراض للزهايمر، ولكن قد يكون السبب عائدًا إلى أنهم لم يعيشوا فترة أطول لكي يتطور الزهايمر وتتم ملاحظة أعراضه.