في أبريل الماضي قام تقنيون من آي بي إم (IBM) وانتل (Intel) ومايكروسوفت (Microsoft) بالانضمام إلى تجمع لعلماء الحاسوب وعلماء الوراثة في مدينة أرلينغتون الواقعة في ولاية فيرجينيا من أجل مناقشة المشاكل العديدة التي تتعلق بالبيانات الهائلة الحجم، وكما نعلم فقد باتت متطلبات تخزين البيانات اليوم تتعدى القدرة الحالية لأفضل التقنيات المتاحة من أشرطة ممغنطة ومحركات أقراص وكذلك الفلاش ميموري.
الاجتماع الذي عقد في أرلينغتون كان اجتماعًا مغلقًا، حيث ضم مجموعة محدودة وجهت إليهم الدعوة، وذلك من أجل مناقشة الإمكانيات والقدرات المتاحة لتقنية تخزين جديدة، وإن كانت هي في الحقيقة موجودة منذ بداية الحياة.
وقد كان اجتماع الخبراء مركزًا على اختبار مميزات تخزين البيانات داخل الحمض النووي، وذلك عن طريق استخدام جزيئات مدمجة منه لتشفير البيانات الوراثية داخل الكائنات الحية. وعن طريق تحويل الملفات الرقمية إلى مواد بيولوجية نستطيع نظريًا استبدال منشأة كبيرة الحجم تستخدم لتخزين البيانات الرقمية بأنابيب اختبار صغيرة جدًا. رغم أن الفكرة قد طرحت ونوقشت لسنوات عديدة فقد تم تسليط الضوء عليها مؤخرًا من قبل شركات التقنية، وذلك من أجل تحويل التخزين بالحمض النووي إلى حقيقة واقعة، وذلك نظرًا للحاجة الملحّة إلى ذلك .
كيف تعمل تقنية التخزين بالحمض النووي؟
بداية نقوم بأخذ بيانات رقمية – والتي تخزن عادةً على شكل شفرات ثنائية (صفر أو واحد)، ثم نحولها إلى شفرة جينية ( A,C,G,T ) – والتي تعتبر اللبنة الكيميائية للحمض النووي. بعد تحويل البيانات، تعطى شفرة الحمض النووي إلى شركة متخصصة في علم البيولوجيات التركيبية، والتي بدورها تقوم بتصنيع سلاسل من الحمض النووي مبنية على المواصفات بحسب الطلب. لنحصل على أنابيب تحتوي على الحمض النووي المعدل والذي يتم وضعه في مخازن باردة، وعندما نريد استعادة البيانات الرقمية نخرج الأنابيب، ونضعها في آلة تُستخدم في إعادة تسلسل الحمض النووي من أجل فك شفرة المواد الداخلية، ونتيجة لذلك نحصل على سلسلة الحمض النووي (GATTACA) على سبيل المثال، والتي من ثم نستطيع أن نحولها إلى شفرات ثنائية من أجل استعادة البيانت الرقمية.
يعتبر الحمض النووي هو أكثر وسط تخزين كثافةً من بين كافة تقنيات التخزين المستخدمة , حيث يستطيع تخزين حوالي زيتابايت () من البيانات في غرام واحد فقط من أي مادة. كذلك يستطيع الحمض النووي أن يدوم لفترة طويلة جدًا تصل إلى ملايين السنين، وذلك يضمن حفظ البيانات الرقمية من الضياع.
وقد أصبح من الممكن جدًا رؤية هذه التقنية تتحقق على أرض الواقع القريب، وذلك بفضل التطور في مجال التكنولوجيا الوراثية. فباتت أجهزة التسلسل التي تقرأ الحمض النووي أسرع وأرخص ثمنًا.
رغم ذلك مازالت تقنيات التجميع والتي تقوم بكتابة شفرة الحمض النووي حديثة وأقل نضجًا وأغلى ثمنًا.
مستشار شركة بايوتيك روب كارلسون يقول: “نستطيع أن نتخيل إمكانية تخزين كميات ضخمة جدًا من البيانات في مساحات صغيرة جدًا، ونحن نعلم مسبقًا كيفية كتابة وقراءة هذه البيانات، ولكن السؤال الذي نطرحه الآن هو هل نستطيع أن نقوم بقراءة وكتابة البيانات على مستوى عال من الإنتاجية وبتكلفة أقل؟”
المصدر: IEEE Spectrum