كيف تنمي المخ باساليب مثبة علميا؟

هذه كانت سلسلة من التغريدات نشرتها على التويتر، وكانت عن كيفية تنمية المخ.
أساليب مثبتة علميا لتنمية المخ. @mqasem

ما هي أساليب تقوية المخ من جانب الوظائف المختلفة من ذاكرة وتعلم ومهارات وغيرها، بشرط أن تكون مبنية على العلم؟

كل الطرق التي سأذكرها هي مؤكدة علميا ومكررة في المختبرات، ولا غبار عليها بأي شكل. لن أتطرق للتغذية، ولا للدواء، ولا للأجهزة الإلكترونية التي تستخدم تجريبيا لتقوية المخ، وكذلك فإن ما سأذكره فهو نافع لجميع الأعمار، سواء أكان ذلك للشباب أو للمسنين، فالمخ يكبر وينمو إلى نهاية العمر، وإن كان ذلك بتفاوت. الكل سيستفيد.

إنّ أول وأهم وأبرز ما يركز عليه العلماء في أبحاثهم، ويؤكدونه بقوة شديدة، هي الرياضية بجميع أنواعها، ولكني سأفصّل فيها قليلا لزيادة الفائدة. الرياضية بشكل عام تحافظ على المخ وتقوّيه، ولكن بعض أنواع الرياضات لها تأثير محدد، فالمشي مثلا يختلف عن رياضة رفع الأثقال. فالعلماء ينصحون بالمشي لمدة 40 دقيقة، بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع على الأقل، وذلك للحفاظ على حيوية المخ، ولتقوية وظائفه العامة (خبر الدراسة)

إذا ما أردت أن تتعلم شيئا جديدا وتحفظه، فعليك بالأثقال أو تمارين القوى العضلية، تَعلم ما تود تعلمه قبل التمرين أو بعده مباشرة. ستزداد قدرتك على تذكر ما تعلمته، إن قمت بالتمارين الرياضية التي تحتاج لجهد أكبر. المهم أن تقوم بالتعلم قبل أو بعد التمرين مباشرة (خبر الدراسة).

من أهم الأمور التي تساعد على تذكر ما تعلمته أيضا هو النوم، صدق أو لا تصدق! فالنوم مهم، مهم، مهم. هل ذكرت أنه مهم؟ فأثناء النوم يقوم المخ بتوحيد أو دمج المعلومات التي تعلمتها خلال اليوم، ستجد أنك إن تمرنت على تذكر معلومة أو تعلم معزوفة، أو ذاكرتَ للاختبار، فإنك في اليوم التالي وبعد النوم الكافي (للكبار 7-9 ساعات)، ستتذكر أو ستعزف أو ستقدم الاختبار أفضل من اليوم السابق. وإن أردت أن تذاكر بأسلوب جيد، فادرسْ الموضوع على مدى أيام، حتى يتم تخزينه بشكل أفضل، وسيعود ذلك عليك بمنفعة أكبر من البدء بالمذاكرة بيوم واحد قبل الاختبار (خبر الدراسة)

ومن أهم الأشياء وأكثرها صعوبة على الإطلاق – وهي الطريقة التي ينمو فيها المخ على مستوى الخلايا العصبية للتعلم وتكوين الذاكرة – هو تعلم شيء جديد وصعب برغبة.

إن لم تفعل ما سأذكره الآن، لن تنمي قدرات مخك، وستبقى على ما أنت عليه حتى يأكل الدهر على مخك ويشرب. فالعضلات تنمو وتكبر إن كانت هناك حاجة لذلك، فرفع الأثقال يخبر جسمك أنه غير قادر على حملها، لذلك فهو يحتاج للبناء، فتكبر العضلات. كذلك المخ، إن مارست ما أنت معتاد على ممارسته، لن تكون هناك حاجة لأن تتكاثر وصلات المخ، فما لديه من خلايا ووصلات فهي قادرة على المهمة. فلابد من بذل جهد ذهني أكبر لكي يبدأ المخ ببناء ما يحتاجه للمهمة الجديدة.

لذلك يجب عليك – على أقل تقدير – أن تبحث عن تجارب حياتية جديدة. حتى وإنْ قمت بتفريش أسنانك باليد التي لم تعتد استخدامها، عند ذلك سيقوم المخ ببناء وصلات لتوظيفها لهذه المهمة البسيطة. قد تجد صعوبة في بداية الأمر ولكن المخ سيجد الحل مع الأيام، فإحدى وظائف المخ الأساسية هي التعلم والتذكر.

ولتقويه المخ أكثر، ابحثْ عن أمر صعب للغاية. فالمخ ينتظر أن تقدم له أمرا صعبا، اترك السهل، وتعلمْ شيئا جديدا، وتوجه للصعب منه فالأصعب، اعزفْ على آلة موسيقية (سأعود للموسيقى لاحقا)، أو تعلم الرياضيات، أو تعلم الفيزياء، أو احفظ معلومات جديدة، أو العب لعبة كمبيوتر – إنْ لم تقم بذلك من قبل، المهم أن تنشط بشيء جديد وصعب، السهل يعرفه المخ مسبقا ولا يستيثره.

لقد رأيت صورا لوصلات المخ (ديندريتك سباينز) على (الديندرايتس) وهي تنمو، وتظهر عشوائيا، وتنتظر منك أن توصلها. فإن لم تقم بشيء يحتاج لجهد ذهني ستعود لتضمر تلك الوصلات مرة أخرى، وأما إن تعلمت شيئا جديدا، ستلتصق بأطراف أكسونات خلية أخرى. وستبدأ الإشارات بالانطلاق بسرعة، وبضربات نشطة. وكلما مارست ما تعلمته، ستقوى الروابط، وستبقى معك، وستستخدمها مستقبلا.

ومن المهم جدا – ضع هذه الكلمة بين ألف قوس تأكيدي – أن تكون لديك (الرغبة) في التعلم. ففي إحدى الكورسات التي حضرتها وهي عن المخ، ذكر فيها المختص بالمخ أنه إذا لم تكن لديك الرغبة في التعلم لن تتكون تلك الروابط، إذن، لابد أن تقوم بالرياضة الذهنية أو التعلم وأنت راغب بذلك، وإلا ستعود وتضمر ديندريتك سباينز (محاضرة في كورسيرا عن المخ)

أخيرا، نعود للموسيقى، فلا الفن بجميع أشكاله، ولا الرياضية، ولا أي شيء آخر يحل محل تعلم العزف على الآلة الموسيقية لتقوية المخ. الدراسات تدل على أن سماع الموسيقى يشعل خلايا المخ، ولكن تعلم العزف على الآلات الموسيقية له خاصية فريدة ومؤكدة علميا، فهو يفجر المخ بالنشاط، وقد رأى العلماء ذلك النشاط وقد رأى العلماء ذلك النشاط في الإف إم آر آي fMRI.

(لقطة من تيد التعليمي تشرح تأثير عزف الموسيقى على المخ، وهناك أوراق علمية عديدة تثبت ذلك)

لقد قرأت عدة مقالات حول الموسيقي، وبحثت حتى في الأوراق العلمية، ووجدت أنها هي بالذات لها تأثير قوي وعجيب، حيث يتفوق على الكثير من التمارين العقلية. فالعزف يُشغِّل عدة مناطق في المخ، ويقوي عدة وظائف حركية، ونطقية، وتذكرية، وتنظيمية… إلخ، خذ ما شئت من وظائف، العزف ينميها كلها.

إذن الرياضية، والنوم، وممارسة شيء جديد وصعب برغبة، وعزف الموسيقى، كل تلك هي أشياء تحفز وتقوي المخ، فعليكم بها، وأذكركم بأن كل وعاء يضيق حينما يمتلئ، إلا وعاء المخ، فهو يتسع كلما امتلأ.